الأربعاء، 1 يوليو 2015

قصة عن الجهاز الهضمي

كثيراً ما نفكّر ونتساءل عن مصير الطّعام الذي نتناوله كل يوم. فنقول في أنفسنا أين تذهب التفاحة التي أكلتها، وفي أي طريق تسير داخل جسمي، وما هو مصير كأس الحليب الذي قدّمته أمي لي صباحاً، وقطعة الشوكولا التي أعطاني إياها صديقي... يا ترى أين ذهبت بعد أن تناولتها؟

إن هذه الأسئلة يصبح من السّهل الإجابة عليها إذا تعرّفنا على جهاز هام من أجهزتنا، والذي يسمّى بالجهاز الهضمي.
لذلك دعونا نسافر في أعماق جسمنا البشري الذي خلقه الله وأبدع خلقه, ولنتخيل أنفسنا قطعة حلوى, أو تفاحة صغيرة قبل أن ننطلق. فهل أنتم جاهزون؟ هيّا لنسافر!

إنّ أول محطّاتنا التي سنمرّ بها هي الفم. والفم يا أصدقائي يحتوي على الأسنان واللسان. فبعد أن نضع أي قطعة طعامٍ في فمنا تقوم الأسنان بتقطيعها إلى قطع صغيرة, ويقول اللسان بتحريكها داخل الفم لتسهيل قطعها كما يقوم بمزج ذلك الطعام الذي أصبح قطعاً صغيرة باللعاب لكي يصبح من السّهل ابتلاعه. والآن بعد أن تمّ تقطيع الطعام بوساطة الأسنان, وتمّ مزجه باللعاب بوساطة اللسان أصبحت لقمتنا جاهزة للبلع. عندها يقوم اللسان بتحريك تلك اللقمة ودفعها إلى الوراء باتّجاه البلعوم لكي تسقط وتتابع مسيرتها.

والبلعوم يا أعزائي هو عبارة عن ممر, أي طريق مشترك بين الجهاز الهضمي والجهاز التنفّسي وهو يبقى مفتوحاً خارج أوقات البلع, ولكن حين يبلع الإنسان أي شيء يتم إغلاق الطريق التنفسي بوساطة ما يسمّى لسان المزمار فتمرّ عندها اللّقمة من البلعوم إلى المريء.

أما المريء فيمكن لنا أن نشبّهه بالأنبوب الذي نسقي بهِ حوض الزهور كل يوم. فهو أنبوب عضلي أي يتكون جداره من العضلات والتي تتوزّع بشكل دائري وطولاني, ويبلغ طوله نحو 25 سم ممتداً من البلعوم إلى المعدة. ويتم انتقال اللقمة الطعامية التي مرّت إليه بوساطة تقلّص عضلاته الدّائرية التي يتكون منها جداره كما ذكرنا مما يدفع الغذاء نحو المعدة حتى ولو كان الرأس متّجهاً إلى الأسفل. أي أن تقلص تلك العضلات يكشف لنا السر الكامن وراء مقدرتنا على ابتلاع الطّعام حتى ولو كان رأسنا إلى الأسفل أو كنّا مستلقين بشكل أفقي على السرير!

سأترككم الآن لتأخذوا استراحة قصيرة, لنتابع بعدها رحلتنا الممتعة لنتعرف على بقية الطريق الذي تسير به اللقمة.
قطعنا في رحلتنا الماضية ما يقارب نصف الطريق الذي تسلكه لقمة الطعام التي نتناولها. فتعرّفنا على الفم وما يحويه من الأسنان واللسان ودروهما, كما ألقينا نظرة سريعة على البلعوم ووصلنا أخيراً إلى المريء ودوره الكبير في إيصال الطعام إلى المعدة حتى ولو كان رأسنا إلى الأسفل. الآن سنواصل رحلتنا في التعرّف على بقيّة أجزاء جهاز الهضم فهل أنتم جاهزون؟ هيّا لننطلق!

قلنا أن المريء يدفع الطعام إلى المعدة. والمعدة يا أصدقائي هي عبارة عن جوف أو يمكننا تشبيهها بكيس أو خزان صغير جداره مكوّن من مجموعة من العضلات الدائرية والطولية والمائلة. ولهذا الجوف شكل حرف اللام (ل).
تقع المعدة في الجزء الأيسر أعلى البطن ويتّسع لما يقارب اللتر والنصف من المواد الطعامية. ويوجد للمعدة فوهتان: فوهة علوية تبقى مفتوحة دائماً تسمّى الفؤاد, وفوّهة عضلية سفلية تسمّى البواب وهي لا تفتح إلا عند خروج الغذاء من المعدة إلى المعي الدقيق.

يبقى الطّعام في المعدة من ساعتين إلى ساعتين ونصف, ويخضع خلال هذه الفترة لما يسمّى عمليات الهضم.
وعملية الهضم هي عملية تنتهي بتحويل المواد الطعامية من شكلها الصلب إلى مواد بسيطة نصف سائلة يسهل امتصاصها من الأمعاء ليستفيد منه الجسم.
حيث تقوم العضلات الموجودة في جدار المعدة بتحريك الطعام ومزجه بشكل جيّد بالعصارات الهاضمة المعدية, وهذه العصارات هي مواد تفرزها غدد موجودة في جدار المعدة وتقوم هذه العصارات بدور كبير في هضم الطعام تمهيداً لامتصاصه.
والآن بعد أن تم هضم الطعام شكل جيد في المعدة ومزجه بالعصارات الهاضمة تنفتح فوهة البوّاب التي ذكرناها قبل قليل سامحة للمواد الطعامية بالعبور إلى الأمعاء الدقيقة لاستكمال عملية الهضم والبدء بعملية الامتصاص.

أمّا الأمعاء الدقيقة فيمكن لنا أن نشبهها بالأنبوب الملتف الذي يبلغ طوله نحو 8 أمتار وقطره 3 سم. بدايته تسمّى العفج أو الإثني عشر. يتكون جدار الأمعاء من العضلات, ويغطى السطح المطل على لمعة الأمعاء بانثناءات كثيرة جداً وهذه الانثناءات تكون مكسوة باستطالات دقيقة تدعى الزّغابات المعوية التي تلعب دوراً كبيراً في جعل السطح الداخلي للمعي واسع جداً يصل لما يقارب 200م مربع مما يسهل عملية الامتصاص. يتم في الأمعاء الدقيقة هضم بقية المواد التي لم تهضم في المعدة وذلك بواسطة العصارات المعوية المختلفة, كما يتم فيها امتصاص معظم المواد الغذائية التي يحتاجها الجسم.

وبعد ذلك ينتقل الطعام من الأمعاء الدقيقة إلى الأمعاء الغليظة وهي تشبه الأمعاء الدقيقة إلى درجة كبيرة لكنها أقصر وقطرها أكبر. حيث يبلغ طولها 1.5 متر وقطرها يقارب 10 سم وتتصل بالمعي الدقيق في الزاوية اليمنى أسفل البطن حيث يوجد هنالك ما يسمى بالزائدة الدودية التي يؤدي التهابها إلى آلام شديدة وخطورة على الحياة.
لا يتم في المعي الغليظ أي عملية هضم فهو لا يحتوي على عصارات هاضمة وإنما يتم فيه امتصاص كميات قليلة جداً من الطعام والسوائل والتي لم تمتص في الأمعاء الدقيقة. وتتجمع بقايا المواد الطعامية التي لم تهضم وتبقى في الأمعاء الغليظة عدّة ساعات ثم تتحرك باتجاه المستقيم ومنه إلى فتحة الشرج ليتم طرحها إلى خارج الجسم.

وهكذا يا أعزّائي نكون قد أنهينا رحلتنا في جهاز الهضم وتعرّفنا على أجزائه ومكوناته الرائعة ابتداءً بالفم قم البلعوم والمريء, ثم المعدة والأمعاء الدقيقة وانتهاء بالأمعاء الغليظة والمستقيم ثم فتحة الشرج.

كما تعرّفنا على دوره الكبير الذي يقوم به ومدى أهميته وضرورته لحياتنا. لذلك لا بد لنا من العناية بصحّته بشكل جيّد لكي يقوم بوظائفه على أكمل وجه. وتكون العناية به عن طريق:
1- الاهتمام بنظافتنا الشخصية كغسل اليدين قبل وبعد كل وجبة طعام
2- تنظيف أسناننا كل يوم 3 مرات
3- كما علينا ألا نتناول الأغذية الملوّثة والمكشوفة لأنها تحوي على العديد من الجراثيم التي تؤذي جهازنا وتسبب لنا المرض.

أتمنّى أن تكونوا قد استمتعتم في رحلتنا هذه. أترككم الآن لتستريحوا وتخبّروا والديكم وأصدقاءكم عما تعلمتموه عن جهاز الهضم. في أمان الله.

هناك 3 تعليقات:

  1. ماشاءالله مدونه جميله جدا وإلى الأمام دوما

    ردحذف
  2. الله يعطيك العافيه كلام مرتب وجميل الله يكتب اجرك

    ردحذف
  3. شكي قبل مااقراء👩🏼وبعد👵🏻

    ردحذف